وأخيراً أعلن رسمياً عن انطلاق القناة الناطقة بالأمازيغية خلال تشرين الاول (أكتوبر) المقبل، كما أشار وزير الاتصال المغربي نبيل بن عبدالله. وستكون القناة عمومية تبث لمدة ست ساعات مساء، وتتضمن شبكة برامج متنوعة، من موسيقى ودراما وأخبار ورياضة وبرامج حوار. وتقرر تسميتها «السابعة»، إذ تضاف إلى القنوات الست التي تشكل القطب الإعلامي العمومي الوطني.
ويعتبر إنشاء هذه القناة حدثًا إعلاميًا في المشهد التلفزيوني المغربي. إذ يأتي تأسيسها بعد عثرات وجدال حول موضوع إدماج الأمازيغية في الفضاء الإعلامي المغربي، في خضم تجاذبات تناولت الثقافة الأمازيغية، وسبل إعادة الاعتبار لها في المجتمع. فالمعروف أن جزءاً كبيراً من سكان المغرب يتكلم اللغة الأمازيغية. وقد تناول هذا الإدماج في البداية منح «كوتا» للأمازيغية في البرمجة العامة لقناتي القطب العمومي، تتمثل في تخصيص 30 في المئة من حيز القناة الزمني للبرامج والأخبار الناطقة بهذه اللغة. وفي هذا الإطار جاء الاتفاق سنة 2005 بين وزارة الاتصال والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
وبالفعل انجزت مجموعة من البرامج وقدمت للقناتين، لكنها لم تر النور، ولم تحترم «الكوتا» المقررة. إذ اكتفت القناتان ببث برامج قديمة دُبلجت إلى الأمازيغية. ما دفع الى ارتفاع بعض الأصوات احتجاجاً.
وفي هذا الإطار طالب عضو المعهد الملكي للأمازيغية أحمد عصيد بتطبيق الاتفاق في مجال تعزيز الأمازيغية في الإعلام السمعي - البصري وعدم التمادي بالإخلال ببنوده. كما أن تصريحًا لمدير الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون فيصل العرايشي تحدث فيه عن تعويض الاخلال بمبدأ «الكوتا» المتفق عليه، من خلال تأسيس قناة أمازيغية، أثار ردود فعل بين أعضاء المعهد وبعض الناشطين في الحركة الأمازيغية، بحيث تم اللجوء إلى هيئة السمعي - البصري للدفع بالأمور نحو تطبيق المتفق عليه، والعمل على منح الأمازيغية الحيز الواجب في البرمجة العامة.
ويبدو أن الأمور ستنحو باتجاه دعم حضور وازن للأمازيغية في الإعلام البصري الرسمي الموجود. وهنا لا بد من الإشارة الى أن هذا الموضوع يشكل أحد وجوه الصراع الثقافي والسياسي الذي نما نتيجة نضال الحركات الأمازيغية منذ عقود، الى ان تكلل بمبادرة تجلت في إنشاء المعهد المذكور، الذي يتشكل من هيئة إدارية ولجان.
الأكيد أن إبصار القناة الأمازيغية النور من شأنه أن يحد من الجدال ويمنح للجميع فرصة تأمل الحضور الأمازيغي في الإعلام المرئي المغربي. وقد أشار عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أحمد بوكوس الى أن القناة ستشكل قيمة مضافة، وأنها ستعمل لتحقيق «التجانس المجتمعي». ويراهن على أن البرامج ستكون ذات قيمة متطورة، وتستجيب لطموحات الناطقين بالأمازيغية، وتعكس التعدد الثقافي واللغوي السائد في المغرب.
وفي هذا الصدد تتعالى أصوات تنادي بعدم سقوط الخط التحريري للقناة في مطبات مثل التقوقع وعدم الانفتاح على الآخر، بدلاً من أن تكون صوتاً جامعاً وشاملاً، وليس صوتاً فئوياً. امام هذه الأصوات صرح بوكوس بأن خط القناة سينسجم مع التوجيهات الملكية وتوجهات المعهد الملكي للأمازيغية وتوصيات اللجنة المشتركة. وأكد أن القناة وطنية وليست جهوية.
وستعتمد القناة النظام الرقمي الذي بدأ العمل به في المغرب هذه السنة، وسيكون مقرها الرباط. ودُرست الموازنة والجوانب التقنية والتنظيمية. اما المشكلة التي تواجهها فتبرز في غياب العناصر البشرية التقنية والصحافية التي تتقن اللغة الأمازيغيــة بتنويعاتها.
أياً يكن الامر، شهور قليلة وتبصر القناة النور، ما من شأنه أن يمنح المغرب نافذة إضافية في مسار الانفتاح الإعلامي وتوسيع هامش الحريات والتصالح مع الذات.