لماذا لا نحترم ثقافتنا الأمازيغية، وغير الأمازيغية، الحافلة بقيم الوحدة، والتقدم، والتطور؟
فالتنوع الذي وقفنا عليه، جاء مصاحبا لوجود الشعب المغربي، الذي لم يكن أبدا مفصولا عما يجري في تاريخ البشرية، فقد تفاعل، ويتفاعل، وسيتفاعل، إلى ما لا نهاية، مع الوافد من كل مكان من العالم، عبر البضائع، ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة، وبواسطة الشبكة العنكبوتية المتطورة، وبواسطة القوة، وفي اطار ما صار يعرف بالعولمة المتعددة الأوجه. وهذا التفاعل لا بد أن تترتب عنه نتائج معينة، يصعب فصلها عن حياة الشعب المغربي، بصيرورتها جزءا لا يتجزأ من تلك الحياة. وهو ما يعني، في نهاية المطاف، أن الشعب المغربي سيصير محتضنا للتعدد الثقافي، الذي يجب أن يعترف بقيامه في واقعنا، باعتباره مميزا لخصوصية الشعب المغربي. وهو ما يستلزم احترام الثقافة المغربية المتعددة الأوجه، والمشارب، والأهداف، والغايات.
وعدم احترامنا لثقافتنا المغربية/ الأمازيغية/ العربية/ الإسلامية/ الغربية/ الإفريقية، ليس ناجما عن حقيقة الإنسان المغربي، وليس جزءا من الثقافة المغربية المتناقضة، بسبب اختلاف اللغة، أو الجنس، أو العرق، بقدر ما هو ناجم عن وجود خلفيات إيديولوجية، وسياسية.
فمؤدلجو الدين الإسلامي، يعادون كل ما خالف أدلجتهم للدين الإسلامي، سواء تعلق المر بالأمازيغية، أو العربية، أو الفرنسية، أو غيرها، ما دامت حمولتها متناقضة مع أدلجة الدين الإسلامي.
ومؤدلجو العربية، من القومجيين العرب، الذين ينكرون إمكانية تطور، وتطوير الأمازيغية، يعادون كل ما خالف أدلجتهم للعربية، ومؤدلجو الأمازيغية من القومجيين الأمازيغيين، يعادون كل ما خالف أدلجتهم للأمازيغية، التي يسعون إلى أن تصير إيديولوجية المجتمع ككل.
ومؤدلجو اللغات الأجنبية الوافدة عبر الاحتلال الأجنبي، يعادون العربية/ الأمازيغية، وكل ما له علاقة بمكونات خصوصية ثقافة الشعب المغربي.
والموقف السياسي الذي يتخذه الحزب المؤدلج للدين الإسلامي، يعادي باقي المواقف السياسية الأخرى، التي لا تتفق معه.
وكذلك الشأن بالنسبة للموقف الذي يتخذه الحزب الأمازيغي، الذي يكن العداء لكل ما سواه، بسبب التعصب القومجي الأمازيغي، الهادف إلى إقامة الدولة الأمازيغية.
ونفس الشيء وبالنسبة للحزب المنحاز إلى القومجية العربية، الذي يعادي المواقف القومجية الأمازيغية، أو الحزبوسلامية النقيضة.
وقد كان المفروض أن نقر بالتنوع الثقافي المغربي، الآتي من التاريخ، الذي لا يدلنا في صياغته، وفي تكون تنوع ثقافته، ومهما كان، حتى يصير ذلك التنوع الثقافي في خدمة الشعب المغربي، لتحقيق:
1) الوحدة العضوية بين جميع مكونات الشعب المغربي: العرقية، واللغوية، والعقائدية، وغيرها من المكونات الأخرى.
2) تقدم الشعب المغربي الاقتصادي، عن طريق العمل على إنضاج شروط التحول الاقتصادي، في اتجاه الانتقال من التشكيلة الاقتصادية الدنيا، إلى التشكيلة الاقتصادية العليا.
3) تقدم الشعب المغربي، الاجتماعي، بالعمل على رفع جودة الخدمات الاجتماعية في مجالات التعليم، والصحة، والسكن، والترفيه، والشغل، أسوة بنظيرتها في الدول المتقدمة، والمتطورة.
4) تقدم الشعب المغربي الثقافي، بإنضاج شروط تطور القيم الثقافية، بمكوناتها المختلفة، وبوسائل نشرها، من أجل ترسيخها في نسيج الشعب المغربي.
5) تقدم الشعب المغربي السياسي، بإقرار دستور ديمقراطي، يكرس سيادة الشعب المغربي على نفسه، وإجراء انتخابات حرة، ونزيهة، تعكس إرادة الشعب المغربي، من أجل أن يتمكن، هذا الشعب، من تقرير مصيره بنفسه.
6) تقدم الشعب المغربي على مستوى التمتع بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومن خلال جعل القوانين المحلية متلائمة معها.
7) تقدم الشعب المغربي: العلمي، والتكنولوجي، وفي مجالات الآداب، والفنون، وباللغات: الأمازيغية المفترضة، والعربية، حتى تستطيع منافسة غيرها من اللغات الأخرى، في المجالات المذكورة.
تقدم الشعب المغربي على مستوى البنيات التحتية، التي تلعب دورا كبيرا في تحقيق التقدم والتطور في مختلف المجالات الأخرى.
وبذلك نصل إلى أن احترام الثقافة المغربية بمكوناتها المختلفة: اللغوية، والعرقية، والمعتقدية، هو وحده الكفيل بجعل المغاربة يتفرغون إلى ما هو أسمى، حتى يصير الشعب المغربي موحدا، وضدا على رغبة مؤدلجي الدين الإسلامي، ومؤدلجي الأمازيغية، ومؤدلجي العربية أيضا، ومن أجل مناهضة القومجييين، مهما كان لونهم