معالي الوزير..
كما تعلمون، فإنني من الثقافات واللغات العريقة جدا بهذا الكون . ورغم كل التحديات والعوائق فقد تمكنت من الاستمرار والصمود طيلة قرون عديدة. ومنذ قيام الدولة الوطنية انطلاقا من سنة 1666، كان التهميش والإقصاء مصيري ومآلي: لم أستفد خلالها من أية ميزانية، لم أدخل إلى وسائل الإعلام العمومية، تم رفض إدراجي بالمنظومة المدرسية بشتى أسلاكها ومستوياتها، رفضت في الإدارة وفي كل الفضاءات العمومية…
خلال هذه المرحلة من التاريخ الأسود الذي عشته وبمرارة، في الزمن الذي تم الاهتمام فيه بكل لغات العالم دون سواي. لم أحظ سوى بعناية أبنائي البررة الذين يحملونني راضعين إياي من أثداء أمهاتهم، فواصلوا الليل بالنهار بإمكانياتهم الضئيلة عملا على إنقاذ ما يمكن إنقاذه: أنجزوا أبحاثا في اللسانيات الخاصة بي، أصدروا جرائد ومجلات وكتبا للتعريف بآدابي وثقافاتي، أسسوا جمعيات للدفاع عني، حضروا في مؤتمرات وواجهوا محاكمات ومضايقات عدة…
وحين جاء العهد الجديد، عهد جلالة الملك محمد السادس، أبى جلالته إلا أن يشرف على برنامج خاص للمصالحة بي. فقام جلالته بجمع كل مكونات الأمة وممثيلها في محفل مهيب بناحية أجدير قريبا من مدينة خنيفرة. فما أعظمه مكانا وما أجله ذكرى وزمانا لاسيما حين استمع جميع الحاضرين إلى منطوق خطاب جلالته السامي ليوم 17 أكتوبر 2001، ذلكم الخطاب الذي أعاد لي جزءا كبيرا من كرامتي وعزتي المفقودتين منذ زمن بعيد وغابر. هكذا بناءا على مقتضيات هذا الظهير الملكي، تم تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كمؤسسة وطنية موكول لها العمل على إبداع واقتراح جميع المبادرات التي من شأنها إعادة الاعتبار إلي، ولهذه الغاية النبيلة فقد عكفت هذه المؤسسة الملكية على فتح مجموعة من الأوراش التي تصب في اتجاه تحقيق هذه الغاية.
سيادة الوزير المحترم.
لقد شكل ورش تدريس الأمازيغية للمغاربة كافة من بين الأوراش الأساسية التي أولت لها مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية العناية والاهتمام الضروريين وبزيادة أحيانا. فعلى المستوى العلمي، أنتجت المؤسسة كل الكتب المدرسية الضرورية والكفيلة بإنجاح عملية تعليم وتعلم الأمازيغية ومن بينها كراسة الأنشطة الشفوية المسماة أوال ئنو والكتاب المدرسي تيفاوين أ تمازيغت مع دلائل التدريس التي تحتوي على الجذاذات التربوية والمنهجية الميسرة لعملية التدريس، والمجزوءات المختلفة حول ديداكتيك ونحو اللغة الأمازيغية، ومجموعة متميزة من الحوامل الديداكتيكية المساعدة من قصص مرسومة وحكايات مصورة وأناشيد تربوية مهمة. هذا فضلا عن عملية تنميط الحرف الأمازيغي تيفيناغ وجعله قابلا لولوج أقسام الدراسة وبرمجيات الحاسوب. وعلى المستوى التكويني، عمل المعهد على إعداد خطة تكوينية شاملة وجامعة تروم تكوين المدرسين والمشرفين التربويين المعنيين بتدريس الأمازيغية…
غير أنه ورغم كل ذلك، لم يكن هناك ما يكفي من التعاون التام والكامل مع الوزارة الوصية على القطاع في شأن إنجاح تدريس الأمازيغية لأسباب أو لأخرى.
معالي الوزير المحترم.
فضلا عن الاستجابة لأحد بنود الظهير الملكي المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية فيما يتعلق بالعملية المرتبطة بتدريسي، وإضافة إلى ما تمثله هذه العملية من إفادة كبرى بالنسبة للأجيال الحالية والقادمة. فإنني، الثقافة واللغة الأمازيغيتيان، أنتظر منكم كوزير جديد وصي على قطاع التربية والتعليم عمل كل ما من شأنه إنجاح عملية تدريسي، منتظرة منكم تحقيق إشراقات ونقلات نوعية في هذا المجال. وهذا لن يتأتى إلا بدخولكم في حوار جاد وبناء مع مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الساهرة على إنعاشي والاهتمام بي بالاستماع إلى اقتراحاته والتشاور معه في كل ما يهم هذا الملف، وما ذلك عليكم بعزيز.
وتفضلوا، سيادة الوزير، بقبول فائق عبارات التقدير والاحترام.
والسلام
إمضاء: الثقافة واللغة الأمازيغيتان