يعتبر فن أحيدوس شكلا تعبيريا يسود بين قبائل الجنوب الشرقي بوادي دادس و ءيمكون ودرعة وتافيلالت. وتتعاطى له قبائل: آيت سدرات، آيت عطا، آيت يافلمان، وئيمكون، مثلما ينتشر بقبائل الأطلس المتوسط ومنطقة فكيك وفي ازيلال. وهاته القبائل محسوبة في أغلبها على المجموعة القبلية الصنهاجية في المراجع التاريخية.
ورغم وحدة فن أحيدوس، فهو مختلف من قبيلة إلى أخرى حيث يعرف المعرفون به موطن كل نمط من خلال الوزن الشعري (ASIF) والإيقاع (ISITTI). وداخل كل قبيلة نجد عدة أنماط من الشعر الملقى لحظة الاحتفال برقصة أحيدوس في المناسبات الاجتماعية خصوصا في الأعراس.
الوظيفة الاجتماعية لأحيدوس: التربية والتنافس
إن رقصة أحيدوس عندما تقام ليست محكومة بمطلب فني أو لعبا محضا وممارسة فنية خالصة بقدر ماهية مجال لكتابة الاجتماعي (LE SOCIAL) وتمرير الثقافي (LE CULTUREL) كموجه لسلوكات أعضاء الجماعة في علاقاتهم الاجتماعية.
فأحيدوس أشبه بالمدرسة المفتوحة للجميع لتعلم الهوية الاجتماعية وتلقي محددات السلوك المعياري النموذجي، مما يجعل منه إحدى الوسائل الموجهة للتنشئة الاجتماعية للمبتدئين في الحياة أو التذكير بقيم الجماعة وأخلاقياتها للمتمرسين على الحياة.
وبما أن العلاقات الاجتماعية محكومة بالتوتر والمنافسة في اقتصاد الندرة والكفاف، فإن أحيدوس هو مجال لتمرير التنافس الاجتماعي والرمزي بطرق شرعية بليغة حيث تصبح الكلمة أداة لفرض الهيبة أو تحصيل الجاه إلى حين. فما يتم كسبه في هذاالاحتفال قد يفقد في احتفال آخر. إن تفوق ناظم لا يعني تفوقي غدا. وإذا كان أحيدوس مجالا للتنافس الكلامي، فإنه يحمل شرارة الصراع الفعلي بين الناظمين ((id loerif. لهذا يعمل الناظمون على تلطيف الصراع بالتدخل شعريا للحد من المواجهة الشعرية بين المتنافسين. وغالبا ما ينتهي الاحتفال بأشعار طلب الغفران والمسامحة. كأن الرقصة - مثل الحكاية - تبدأ بطقس تفاؤلي وتنتهي به من خلال عبارات افتتاحية وختامية. وليس غريبا أن يكون زمن ألحكي وزمن أحيدوس هو الليلة. وإذا كانت الحكاية تفتح خيال الأطفال على عالم افتراضي، فإن أحيدوس مناسبة للتطهير أو تفريغ العدوانية بطرق مقبولة اجتماعية أو بنوع من التسامي حيث يتم اللجوء إلى الخطاب غير المباشر أو اللغة الشعرية حيث يظل هامش التأويل كبيرا، فيما النقاش في النهار في شؤون الجماعة يتم بلغة مباشرة و صريحة.(1)
رمزية أحيدوس: قداسة أحيدوس
إذا كان الناظم قد يكون مدفوعا برغبة ذاتية لتصفية مشاكل اجتماعية في حلبة أحيدوس، فإن صدود رغبته مرسومة بالاعتقاد في قداسة أحيدوس الذي يشبه بالحرم (awdal)، وفي الاعتقاد بمفعول الكلام سحريا.
يعتبر فضاء أحيدوس في الثقافة التقليدية حرما لا يجب انتهاكه تجنبا للإصابة بلعنة أحيدوس
(iyeti n-uhidus). هاته اللعنة أو المفعول السحري لحرم أحيدوس قد تصيب الناظم مثلما تصيب المتتبعين.(2)
و هذا الاعتقاد يضمن آداب الحضور إلى المرقص ويضمن الحفاظ على أخلاقيات الاستماع، خصوصا أن غالبية أعضاء القرية، وحتى أعضاء القرى والقبائل المجاورة يحضرون، ومنهم الأخ والأخت والأب وألام وغيرهم من الأقارب(3).
ومن تجليات البعد الرمزي لأحيدوس، أنه ليس فقط مجال لعنة أو إصابة بالأمراض التنفسية أو الجسدية، بل هو مجال للتفاؤل ولتحصيل البركة، إذ يؤخذ القول الشعري كعلامات للتفاؤل والأمل و طلب الخير.
شعر أحيدوس أداة لقراءة الطالع أو تعجيل الفرج.
ففتاة تأخر بها الزواج، وحسب العادة قالت «فأل الله، وفألكم يا أهل أحيدوس»،* ورمت بعدها ثلاثة حصي صغيرات كنوع من الرجاء (anaruz)، فانتبه صاحب نوبة النظم فقال:
Awi a rebbi sseoer, ard yili g usawegh إذ دعا للفتاة بتكوين بيت.
وكان لأحد الناظمين بنات، وظل يأمل في مولود ذكر، فقال عند قيامه للالقاء الشعري.
Kiy ayd nurzegh addi talit
A yayyur, kiy ayd nurzegh فازداد للناظم بعدها مولود ذكر، مثلما ازداد لدى امرأة تفاءلت